الخميس، 22 سبتمبر 2016

بـ"جز العشب".. هل ينجح الاحتلال بإرهاب المتضامنين؟





قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنه رصد ارتفاعاً كبيراً في عمليات إرجاع المسافرين القادمين إلى الأراضي الفلسطينية عبر "إسرائيل"؛ لا سيما نشطاء حقوق الإنسان والموظفين الدوليين، بما في ذلك موظفو الأمم المتحدة.

وأوضح المرصد أن الأمر أصبح يعبر عن استراتيجية رسمية تتبعها الحكومة "الإسرائيلية" منذ شهر يناير/كانون الثاني من العام الحالي، وفق تحليل بيانات صادر عن وحدة تنسيق العبور(ACU) التابعة لمكتب منسق الإقامة والأوضاع الإنسانية.

وأشارت الدراسة التي أجراها مكتب الأورومتوسطي في جنيف استناداً لمجموعة من الإحصاءات واللقاءات بعدد من العاملين في مكاتب الأمم المتحدة ونشطاء المنظمات غير الحكومية في أوروبا والولايات المتحدة، إلى أن السلطات "الإسرائيلية" قامت في الأعوام الثلاثة الماضية (2013 حتى 2015) بإرجاع ما نسبته 1% إلى 2% من الحوادث التي تم الإبلاغ عنها حول موظفين ومستشارين للأمم المتحدة ومنظمات دولية غير حكومية.

ترحيل قسري
وبين المرصد الحقوقي أنه وفي العام 2015 حرمت سلطات الاحتلال نحو 1% من مجموع 384 حالة تم الإبلاغ عنها من الدخول للأراضي الفلسطينية، فيما واجه نحو 76% من تلك الحالات تأخيراً متعمداً، بينما شهدت الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي ارتفاعاً حاداً في نسبة المرحَّلين قسرياً وصل إلى نحو 9 إلى 10 % من أصل 232 حالة تم الإبلاغ عن محاولتها الوصول للأراضي الفلسطينية.

وأوضح المرصد أن أرقام وحدة تنسيق العبور ACU التابعة للأمم المتحدة لا تتضمن النشطاء والمستقلين والمناصرين للشعب الفلسطيني بما فيهم ذوو الأصول الفلسطينية والذين يحاولون العبور للأراضي الفلسطينية عبر المعابر التي تسيطر عليها "إسرائيل" والذين رحلوا خلال السنوات الماضية بشكل متزايد.

ولفت المرصد الأوروبي إلى أن "السكرتير الدولي للمرصد والمواطنة الأمريكية "باميلا بيلي" كانت من ضمن المرجعين هذا العام، حيث سافرت "بيلي" إلى "إسرائيل" في آب/أغسطس الماضي عقب حصولها على تصريح حصلت عليه من خلال مؤسسة غير حكومية سويدية لتنفيذ مشروع لدعم المرأة. وعلى الرغم من ذلك، تم منعها من العبور بعد حجزها لمدة 12 ساعة وإرجاعها أخيرا إلى بلدها، وقبلها بخمسة أيام تم ترحيل خبيرة أمريكية أخرى تعمل مع منظمة غير حكومية رغم حصولها على تصريح للدخول إلى غزة".

ونبه الأورومتوسطي أنه وعلى الرغم من إشعار السفارة الأمريكية وطلب مساعدتها إلا أنها رفضت تقديم المساعدة.

 واستناداً إلى الإحصائيات والشهادات التي جمعها المرصد يبدو أن هناك سياسة متعمدة يتم التمادي بها من خلال السكوت الدولي.

وقالت ساندرا أوين، الباحثة في المرصد الأورومتوسطي: "إنه على الرغم من أن ظروف إرجاعهم تختلف في تفاصيل محددة، إلا أن الملاحظ أن جميعهم كانوا متخصصين ومحترفين يريدون المرور إلى الأراضي الفلسطينية عبر "إسرائيل" للعمل ضمن مشاريع ممولة دوليا، ولكنهم أجبروا تعسفياً كما يبدو للعودة إلى بلدانهم بعد أن تمت معاملتهم كمجرمين".

وأشارت أوين إلى أن المرصد يعمل على تقرير سيصدر قريباً استند فيه إلى إحصاءات منوعة ومقابلة عشرات الشخصيات الدولية التي منعت من الدخول إلى "إسرائيل" خلال الأعوام الماضية.

وبحسبها فإن التقرير يشير إلى تقديرات بمنع "إسرائيل" نحو 300 ناشط ومناصر للشعب الفلسطيني خلال عام 2014، فيما شهد عام 2015 منع نحو 320 من النشطاء والمناصرين، فيما ارتفع عدد هؤلاء إلى نحو 390 خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2016.

ولفت الأورومتوسطي إلى عملية إرجاع خمسة مندوبين للحملة الأمريكية لإنهاء الاحتلال "الإسرائيلي" في يوم واحد شهر أغسطس الماضي، بالإضافة إلى إرجاع محاضر في الدراسات التنموية في جامعة لندن للدراسات الشرقية والإفريقية، كان من المقرر أن يعطي سلسلة من المحاضرات في جامعة بيرزيت في الضفة الغربية في أيلول/سبتمبر الجاري.

وبين الأورومتوسطي أن معظم الأفراد الذين تم إرجاعهم  أعلموا شفهياً بحظرهم لمدة عشر سنوات من العودة لأي من الحدود التي تسيطر عليها "إسرائيل" بالإضافة إلى إجبارهم على توقيع إقرار بعدم السماح لهم بالحصول على "فيزا" لعبور الحدود الإسرائيلية، على عكس معظم المسافرين.

 وقال الأورومتوسطي "على الرغم من أن سياسة المنع "الإسرائيلية" كانت في الماضي تمييزية؛ بحيث تستهدف في المقام الأول من لهم أصول عربية أو مسلمة من المسافرين، إلا أن التمييز بناءً على الرأي السياسي والفكري بات بشكل متزايد يلعب دوراً حتى أصبح "كل من يبدي تعاطفه مع الفلسطينيين أو ينشط لمناصرة قضاياهم في محل خطر".

واستحضرت "بيلي" مقولة وردت في العام 2014 في "جيروزليم بوست" والتي يصف فيها المراسل الصحفي العمليات العسكرية الإسرائيلية المتكررة ضد غزة ب "جز العشب"، وأضافت "بيلي" بأنه بات واضحاً أن الحكومة "الإسرائيلية" شكلت سياسة مشابهة للتخلص من المخالفين لها.

حملة ممنهجة

وتابعت بيلي، على سبيل المثال تناقلت وسائل إعلامية أنباء عن هيئة مشتركة جديدة تشكلت من قبل وزارتي الداخلية والأمن العام تشجع المواطنين "الإسرائيليين" للاتصال على الخط السريع للإبلاغ عن الأفراد المنخرطين في نشاطات حملة المقاطعة BDS من أجل إخلائهم من البلاد.
بالإضافة لذلك، فإن مسؤولين محليين في مؤسسات غير حكومية مثل "وورلد فيجين" ومشروع الأمم المتحدة للتنمية تم اتهامهم مؤخراً بتقديم الدعم المالي لحركة حماس التي تحكم قطاع غزة.

من جانب آخر، فإنه بالإضافة إلى عملية الإرجاع تلك، فإن التقارير تبين أن التأخير الطويل والإجبار على إنهاء مهمات الأفراد باتت أكثر اتباعاً لدى سلطات الاحتلال "الإسرائيلي".

وأوضح المرصد الأوروبي أن مثل هذه الممارسات توجد في جميع المعابر التي تسيطر عليها "إسرائيل"، إلا أن أغلبها يحدث في معبر "إيرز" وجسر "اللنبي" بين الأردن والضفة الغربية، ومطار "بن غوريون" في "تل أبيب".

وقالت ساندرا أوين: "يبدو أن إسرائيل قد وسعت من حملتها الممنهجة لعزل الفلسطينيين وحرمانهم من حقوقهم، ووضع العقبات في طريقهم لنيل حريتهم".

وأضافت "إلى هذا اليوم المجتمع الدولي لا يعير انتباهاً فعلياً لهذه القضية. مبيّنة أن الإعراب عن القلق لم يعد كافياً، والواجب فعله هو تقديم شكاوى رسمية بمعاونة الهيئات الدولية من أجل السماح للفلسطينيين باستقبال زوارهم. ما عدا ذلك، فإن الواقع ليس سوى تعريف حرفي للسجن الكبير".

مواضيع ذات صلة

بـ"جز العشب".. هل ينجح الاحتلال بإرهاب المتضامنين؟
4/ 5
Oleh

إشترك بنشرة المواضيع

.اشترك وكن أول من يعرف بمستجدات المواضيع المطروحة

نشكر لكم مشاركتكم ... سوف يتم نشرها بعد التحقيق