الاثنين، 15 يناير 2018

رد حماس سيؤدي إلى تصعيد قد يخرج عن السيطرة



التقدير الاستخباراتي في إسرائيل، القائل بأن حركة حماس لن تسارع للدخول في حرب على المدى المنظور، لا يزال على حاله. إلا أن الخشية هي من أن يؤدي حشر حماس في الزاوية، في نهاية المطاف، إلى عملية للرد على ذلك، وبخاصة في الوقت الذي تحاول فيه التنظيمات سلفية القضم من سلطة حكمها وتقديمها على أنها خائنة لمبادئ مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.

الكشف عن النفق عند المثلث الحدودي بين غزة وإسرائيل ومصر، ليل السبت – الأحد، وتدميره على يد سلاح الجو يحشر حماس أكثر في الزاوية. فهذا هو النفق الثالث الذي يكشفه الجيش الإسرائيلي خلال الشهور الثلاثة الأخيرة، ووفق ما قاله الناطق باسمه فإن "الأمر ليس صدفة". وكان الجيش الإسرائيلي قد اكتشف خلال السنوات السابقة نفقين، إلا أن الحديث يدور عن نفقين قديمين اُكتشفا على ما يبدو قبل عملية "الجرف الصامد" في صيف 2014. وفي حركة حماس يدركون أيضاً أن إسرائيل قد نجحت عبر مجموعة من الوسائل في تحسين قدرتها على تعقب الأنفاق. ومن هذه الوسائل جمع المعلومات الاستخبارية حول مسارات الأنفاق واستخدام التكنولوجيا الحديثة، بما في ذلك استخدام المجسات وأجهزة الكشف عن الحُفر والتجاويف في باطن الأرض، والعتاد الهندسي، وبخاصة آلات الحفر المنتشرة على امتداد الحدود والتي تقوم ببناء العائق تحت الأرض. كل هذه الوسائل تساعد الجيش الإسرائيلي على تجريد هذه الحركة الغزيّة من إحدى أدوات المعركة الإستراتيجية التي تمتلكها - أي الأنفاق الهجومية.
وسيكون وضع حركة حماس أكثر صعوبة عندما تنتهي إسرائيل بعد حوالي عام، من الآن، من بناء العائق تحت الأرض على الحدود بطول 65 كيلومتر، والذي سيحيط بالقطاع بأحكام. ومع إقامة هذا العائق الذي سيكون مدعوماً بسياج فوق الأرض، ومزود بوسائل تكنولوجية مثل المجسات ووسائل جمع المعلومات الاستخبارية، فإن قدرة حماس على حفر الأنفاق والدخول عن طريقها لمهاجمة أهداف داخل إسرائيل ستتضرر أكثر فأكثر.
وهذه هي معضلة حماس: هل ترد على عمليات الكشف الممنهجة عن الأنفاق وتعطل عملية إقامة هذا العائق وتخاطر بذلك بجولة أخرى من الحرب مع إسرائيل، أم أنها ستضبط نفسها وتواصل عملية بناء قوتها. كما أدى الكشف عن النفق إلى فضح عملية التضليل التي تقوم بها حماس ضد مصر. فخلال الشهور الأخيرة تطورت العلاقات بين الجانبين، وحتى تُرضي حماس القاهرة قامت الحركة بتقليص علاقاتها مع ولاية سيناء التابعة لداعش. وهذا النفق الذي تم حفره من رفح إلى المعبر الحدودي عند كرم أبو سالم، ومن هناك إلى مصر، يشكل دليلاً آخر على أن حماس لا تريد قطع علاقاتها مع تنظيم داعش في سيناء، الذي يشكل عمقاً لوجيستياً لها.
ومن الممكن الافتراض أن إسرائيل قد نقلت كل المعلومات حول هذا النفق إلى مصر. كما أن الأمر الذي لم يُنشر على العلن هو أن عملية الكشف هذه ستؤدي إلى إغضاب مصر وإلى تقويض ما تبقى من الثقة، إذا ما كان هناك ثقة أصلاً، في صدق هذه الحركة الغزيّة للمصالحة. كما أن وضع حماس معقد جداً وذلك لأن اتفاق المصالحة الذي وقعت عليه مع السلطة الفلسطينية لا يتقدم على النحو الذي كانت تأمل به. فقد كانت حماس تريد عن طريق المصالحة أن تكرر في غزة نموذج حزب الله في لبنان. أي أن تنقل إلى السلطة المسؤولية عن تصريف الاحتياجات المدنية الخاصة بحوالي مليوني مواطن والاهتمام بها، ولكن مع الإبقاء على سلاحها وعلى الوحدات العسكرية التابعة لها. إلا أنها لم تنجح، إلى الآن، في تحقيق هذا الأمر.
وعلاوة على ذلك فإن الحرب النفسية الدعائية، التي تديرها إسرائيل ضد حماس وذلك عبر التوجه مباشرة إلى المواطنين، تحقق خلال الفترة الأخيرة نجاحاً كبيراً. وتؤكد إسرائيل أن حماس تعمل ضد رغبة المواطنين، وبأنها لا تهتم بمشاكلهم وتقوم بالتسلح على حسابهم بالذات. والدليل على ذلك موجود أيضاً في النفق الذي تم الكشف عنه خلال الأيام الأخيرة. فهو قد تم حفره ودخل في الأرض متجاوزاً معبر كرم أبو سالم، وهو المعبر الوحيد الذي تدخل منه كافة البضائع – عشرات ملايين الأطنان من الأغذية والأدوية والوقود والملابس ومواد البناء وغير ذلك – إلى مواطني القطاع. إذ تمر كل يوم عبر هذا المعبر حوالي 1000شاحنة لنقل البضائع القادمة من الضفة الغربية ومن إسرائيل، وكذلك وهي تنقل البضائع المستوردة من الخارج عبر ميناء اشدود. وقد قام الجيش الإسرائيلي يوم أمس بإغلاق المعبر لأسباب أمنية من أجل إتمام عملة تدمير النفق، وكان ذلك على ما يبدو عبر إغلاقه بالإسمنت (الباطون). إلا أن عملية الإغلاق تشكل أيضاً إشارة واضحة إلى سكان القطاع: لو سمحتم انظروا إلى استخفاف حماس، التي تبدو للوهلة الأولى أنها تمثلكم، إلا أنها في الواقع تعمل، بشكل كبير، على إلحاق الضرر بكم وبمستوى معيشتكم، وتزيد من ضائقتكم التي هي من الأصعب في العالم.
إن التقدير الاستخباراتي في إسرائيل، القائل بأن حركة حماس لن تسارع للدخول في حرب على المدى المنظور، لا يزال على حاله. إلا أن الخشية هي من أن يؤدي حشر حماس في الزاوية، في نهاية المطاف، إلى عملية للرد على ذلك، وبخاصة في الوقت الذي تحاول فيه التنظيمات سلفية القضم من سلطة حكمها وتقديمها على أنها خائنة لمبادئ مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.
إن الرد من قبل حماس سيؤدي إلى مفاقمة الوضع إلى تصعيد قد يخرج عن نطاق السيطرة. وإسرائيل غير معنية بذلك أيضاً، ولذلك هي تحاول الإبقاء على اتفاق وقف إطلاق النار الموقَّع في 2014 وتمتنع عن تنفيذ عمليات عسكرية من النوع الذي يمكن اعتباره انتهاكاً لسيادة غزة. ولكن يُحظر علينا أن ننسى أيضاً أن الحرب السابقة في غزة، التي وقعت قبل ثلاث سنوات ونصف، قد اندلعت دون أن تكون الأطراف راغبة في ذلك.
المصدر:معاريف

مواضيع ذات صلة

رد حماس سيؤدي إلى تصعيد قد يخرج عن السيطرة
4/ 5
Oleh

إشترك بنشرة المواضيع

.اشترك وكن أول من يعرف بمستجدات المواضيع المطروحة

نشكر لكم مشاركتكم ... سوف يتم نشرها بعد التحقيق