الاثنين، 27 فبراير 2017

حتى الحجر والشجر لم يسلم من اعتداءات اليهود


يؤكد المختص بمتابعة ملف الاستيطان في محافظة سلفيت جمال الأحمد أن "الاحتلال يستغل تربعه فوق قمم 
الجبال المحيطة بالوادي، فيغرق بين الفينة والأخرى أراضي المواطنين ومحاصيل وبيارات المزارعين
 بالمياه العادمة، في محاولة لتهجير ما تبقّى من الفلسطينيين، الذين كانوا يقطنون الوادي بالمئات 
قبل عام 1967، ليتقلصوا اليوم إلى بضع عشرات فقط".

حتى السلاسل الحجرية، لم تسلم من القلع والتدمير، في وادي قانا، المحمية الطبيعية التي تمتد لنحو خمسة آلاف دونم، وتتبع بلدة "دير استيا" في محافظة سلفيت، شمال الضفة الغربية.
فقد تلقى عدد من المزارعين هناك، إخطارات من "سلطة حماية البيئة" الإسرائيلية، بهدم سلسلة حجرية تمتد لمسافة 75 مترا، في قطعة أرض زراعية، ومعها قرار أيضا بخلع كل الأشتال التي زرعت في تلك المنطقة مؤخرا.
وتبلغ مساحة "دير استيا" نحو 36 ألف دونم، وعدد سكانها خمسة آلاف نسمة، فيما تبلغ مساحة الوادي، تقريبا 5500 دونم، أربعة منها مزروعة بالحمضيات والزيتون واللوزيات.
ويوجد في وادي قانا 12 عين ماء جارية على مدار السنة، وأهمها: عين واد المعاصر، وعين الجوزة، وعين الفوار، وعين البطة، وعين البنات، وعين التنور وعين الجناين.
ويظهر التناقض جليا في قرارات الاحتلال، ففي الوقت الذي تدعي سلطة حماية البيئة الإسرائيلية أن قراراتها تلك للمحافظة على المكان ورفض إحداث أية تعديلات عليه، بصفته "محمية طبيعية"، فإن حكومة "إسرائيل" تواصل جرف قمم الجبال المطلة على الوادي، من أجل بناء المزيد من الوحدات السكنية، في المستوطنات السبع التي تعلو المكان.
التناقض الكبير
ويؤكد المختص بمتابعة ملف الاستيطان في محافظة سلفيت جمال الأحمد أن "الاحتلال يستغل تربعه فوق قمم الجبال المحيطة بالوادي، فيغرق بين الفينة والأخرى أراضي المواطنين ومحاصيل وبيارات المزارعين بالمياه العادمة، في محاولة لتهجير ما تبقّى من الفلسطينيين، الذين كانوا يقطنون الوادي بالمئات قبل عام 1967، ليتقلصوا اليوم إلى بضع عشرات فقط".
وأمكن مشاهدة اعتداءات المستوطنين في الوادي بشكل جلي. فجولة بين أشجاره وتلاله، تكفي للاطلاع على المصائب التي باتت تحل به.
وعن ذلك يتحدث الأحمد  فيقول: "يخرّب المستوطنون الأرض، يقتلعون الأشجار، يسرقون الثمر، يُحطمون أنابيب الري، يستولون على المياه الجوفية ويلوثون المتبقي منها، يطلقون الشتائم على المزارعين، يقطعون الطريق أمام المتنزهين".
ويعود الأحمد ليسرد قصة الاستيطان في الوادي، مضيفا "المكان مستباح ومغتصب من المستوطنين منذ نهايات السبعينيات (1978)، إذ أقيمت "كرني شمرون" كأول مستوطنة فوق أراضي دير استيا والقرى المجاورة، تبعها مستوطنات (عمانوئيل، يا كير، نوفيم، جنات شمرون، معالي شمرون، رفافا)، كما أقيمت بين الأعوام 1998 و2000 بؤر استيطانيّة جديدة، وهي: "ألوني شيلو" و"إل متان" و"حفات يئير".
وأكد أن أراضي الواد مملوكة لأبناء "دير استيا" منذ زمن العثمانيين وفيها "كوشان" وأوراق ثبوتية، وحالياً تمنعهم سلطات الاحتلال من استصلاحها وزراعتها والاهتمام بشكلها الجمالي.
يشار إلى أن الاحتلال أدرج في العام 1983 وادي قانا كمحمية طبيعية إسرائيلية، وهو ما يمنع الأهالي من العمل فيها والاستفادة منها، إضافة إلى أن الوادي يتعرض منذ سنوات لحملة شرسة من اقتلاع وحرق الأشجار وشق الطرق الاستيطانية، وإغراق بالمياه العادمة، وطرد الأهالي، وكانت أشرس الحملات في كانون الثاني 2014، إذ اقتلع من أرض الوادي ألف شجرة من أصل 2483.
إجراءات تحد من الوجود الفلسطيني
يعزز تلك الفكرة، مدير دائرة الزراعة في سلفيت، إبراهيم الحمد، فهو يؤكد أن "الاحتلال أبعد ما يكون إلى حماية الطبيعة، بل يخربون البيئة والطبيعة والتنوع الحيوي والحياة البرية من خلال تواجد عدد من المستوطنات على قمم الجبال المحيطة بالوادي، ووجود هذه المستوطنات هو الذي يدمر الطبيعة ويخربها، المزارعون دائما يتعرضون للمضايقات وإخطارات وكان آخرها قبل أيام بإعطائهم عدة إخطارات بقطع وخلع غراس زيتون وجدران استنادية".
ومن ضمن هذه الإجراءات الإعلان عن منطقة "واد قانا" كمحمية طبيعية يمنع تغير معالمها على امتداد 10 آلاف دونم، وللأسف الشديد استغل الاحتلال اتفاقية "أوسلو" في تكريس هذا الواقع الأليم، كون الاتفاقية أعطت الشرعية للاحتلال في التصرف في أراض الوادي، ما كان له بالغ الأثر على المزارعين.
وخلال الأعوام القليلة الماضية سن الاحتلال الإسرائيلي من القوانين والتشريعات ما يكفل السيطرة التامة على ما تبقى من أراض الواد وضرب جميع المشاريع الزراعية التي تنفذها المؤسسات الزراعية الناشطة في المنطقة الهادفة إلى إعادة تثبيت المزارع فوق أرضه عبر إعادة زراعة مساحات كبيرة من الواد بأشجار الزيتون والأشجار المثمرة، إلا أن هذا لم يرق للاحتلال الذي ابتكر خدعة جديدة يراد بها ضرب كل المشاريع التي تهدف للنهوض في الواد، فكان قانون "إخلاء الأراضي وإعادتها إلى سابق عهدها بحجة أنها أراض دولة"، إحدى الطرق التي برزت على السطح خلال الأعوام القليلة الماضية.
واقع مؤلم
أصحاب الأراضي هناك يعايشون الواقع المؤلم يوما بيوم. أحدهم المزارع حسن منصور الذي ناهز الثمانين من عمره، ومع هذا فهو لا يترك الودي وحيدا.
يرى أن المنظومة الإسرائيلية التي تعمل على سرقة الوادي، وضم لدولتهم، تعمل بشكل متسق. يقول: "جيش الاحتلال ألقى على عاتقه حماية المستوطنين، الذين سرقوا آلاف الدونمات وأقاموا عليها مستوطناتهم.. كما سرقوا المياه، لتأتي سلطة حماية الطبيعية الإسرائيلية لتسن من القوانين التي تحذر زراعة أي شجرة من الفلسطينيين بحجة المحافظة على التنوع البيئي في الواد".
وذكّر المزارع منصور بقيام مجموعة من المستوطنين باقتلاع ما يزيد عن 50 غرسة زيتون من أرضه التي تقع على الطريق المؤدي إلى مستوطنة "كرتي شمرون -"واد قانا"، فما كان من شرطة الاحتلال إلا تامين الغطاء القانوني لهؤلاء المستوطنين والتستر على فعلتهم النكراء، وبعد عدة أشهر وعند محاولته زراعة أرضه من جديد تفاجئ بقيام سلطة البيئة بأخطاره بأخلاء أرضه وعدم زراعتها كون أن الأشجار الصغيرة تغير من معالم المحمية الطبيعية كما يصفها الاحتلال.
وبموازاة ذلك كله لا يتوانى المستوطنون في ضخ مياه الصرف الصحي انطلاقا من مستوطنة "رفافا" عبر بعض العبّارات المتهرئة التي تنقل مياه الصرف الصحي إلى الوديان والأراضي الزراعية في الوادي، ما يعكس ذلك بظلاله على واقع المنطقة التي تحولت إلى مكرهة صحية ومصدر لجذب الحشرات الناقلة للأمراض والقوارض المختلفة، ناهيك عن الخنازير البرية التي تنتشر هنا وهناك تدمر الغرس وتعرض حياة المزارعين للخطر المحدق.

"وادي قانا".. "إسرائيل" تعتدي فيه على البشر والشجر والحجر!

"وادي قانا".. "إسرائيل" تعتدي فيه على البشر والشجر والحجر!
"وادي قانا".. "إسرائيل" تعتدي فيه على البشر والشجر والحجر!

مواضيع ذات صلة

حتى الحجر والشجر لم يسلم من اعتداءات اليهود
4/ 5
Oleh

إشترك بنشرة المواضيع

.اشترك وكن أول من يعرف بمستجدات المواضيع المطروحة

نشكر لكم مشاركتكم ... سوف يتم نشرها بعد التحقيق