الأربعاء، 26 أبريل 2017

أعراض وعلاج التوحد


عنوان المقال حسب موقع الميادين :




ينشغل أحمد ابن السنوات الست في لعبة بين يديه الصغيرتين، يتمتم ويضحك فيما والدته تسعى جاهدة لإنهاء عملها لتجلس بالقرب منه خشية أن يتسبب بأذى لنفسه. تستدير والدة أحمد والهم على كاهلها وتقول "هذه حال ولدي... قد يقضي ساعات طويلة دون أن يلتفت لأحد ، لا الضجة أو الصراخ او أي شيء من حوله قد يثير انتباهه، إنه يرى العالم في هذه اللعبة الصغيرة"... تصمت أم أحمد ثم تضيف "ابني مصاب بالتوّحد ".

مرض التوّحد أو الذاتوية (Autism) الذي أخذ حيّزاً مهماً من النقاش والجدل يعتبر من الأمراض المحيّرة التي لا زالت قيد الدراسة والبحث وتعرّف منظمة الصحة العالمية مرض التوّحد أنه عبارة عن مجموعة من الاضطرابات المعقدة في نمو الدماغ.

وبحسب الاختصاصي بإعادة التأهيل الفكري والعقلي (Cognitive Reeducation) وبالعلاج الإنشغالي (Occupational Therapy) الدكتور سركيس أبي طنوس، يتصف التوّحد بوجود تأخر فى النمو الفكري واكتساب اللغة لدى الطفل وضعف فى العلاقات الاجتماعية ومهارات التواصل حيث عادة ما يواجه الأطفال والأشخاص المصابون بالتوحد صعوبات في مجال التواصل اللفظي وغير اللفظي، والتفاعل الاجتماعي وكذلك صعوبات بالاندماج في الأنشطة الترفيهية.
ويؤكد أبي طنوس أن الطفل المصاب بالتوّحد قد يقوم بحركات وتعابير غريبة كأن يهز جسمه أو أن يرفرف بيديه بشكل متكرر، كما أنه يرتبط ببعض الأشياء بصورة غير طبيعية، كأن يلعب الطفل بلعبة معينة طيلة النهار ولأيام عدة وبصورة غير طبيعية، دون محاولة تبديل اللعبة مع وجود مقاومة لمحاولة التغيير، وفي بعض الحالات، قد يظهر سلوكاً عدوانياً تجاه الغير، أو تجاه الذات مع التنبّه إلى أن الطفل المتوّحد قد يسبب الأذى لنفسه أو للآخر وهنا على الأهل العمل على تثقيف أنفسهم وأن يكون لديهم الوعي الكافي لمساعدة طفلهم .
أسباب غير معروفة ؟

إلى اليوم لا توجد أسباب معروفة ومؤكدة لهذا النوع من الاضطرابات، لكن بعض الأبحاث ترجع أسباب التوحد إلى اعتلالات وراثية، وجود عدة جينات يرجّح أن لها دورا في التسبب بالتوّحد بعض هذه الجينات يجعل الطفل أكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب، بينما يؤثر بعضها الآخر على نمو الدماغ وتطوره وعلى طريقة اتصال خلايا الدماغ فيما بينها وبحسب أبي الطنوس فإن السبب الجيني قد يشكل عامل مهم للتوحد وهو ما يفسر نسبة إصابة الأطفال الذكور بأربع أضعاف من احتمال إصابة الإناث .
كما أن جزءاً كبيراً من المشاكل الصحية هي نتيجة لعوامل وراثية وعوامل بيئية، مجتمعة معا ويفحص الباحثون،احتمال أن تكون عدوى فيروسية، أو تلويثاً بيئياً (تلوث الهواء، تحديدا) وتلوّث الغذاء ، على سبيل المثال، عاملا محفزّاً لنشوء وظهور مرض التوّحد.
إضافة إلى ذلك، توجد عوامل أخرى، تخضع للبحث والدراسة في الآونة الأخيرة، تشمل: مشاكل أثناء مخاض الولادة، أو خلال الولادة نفسها، ودور الجهاز المناعي في كل ما يخصّ التوّحد. كما أنه جرى الحديث حول العلاقة بين التوّحد وجزء من اللقاحات المعطاة للنساء الحوامل وهي نقطة أثارت جدلاً كبيراً بين الباحثين.
 وحول الاحصائيات المتوافرة يؤكد أبي طنوس أن الأرقام تختلف وأنه لا يوجد إحصائيات دقيقة متسائلا عن إمكانية الوصول إلى كل دول العالم من أجل معرفة أعداد المصابين، في وقت تشير دراسة كندية حديثة إلى أنه من بين كل 100 طفل هناك طفل واحد مصاب بالتوحد وحول ما إذا كانت نسبة الاصابة بالتوحد في تزايد مستمر أكد أبي طنوس أنه من المحتمل أن تكون النسبة في تزايد و لكن معرفة المرض والتشخيص المبكر أصبح واضحاً في هذه الأيام في حين أن التوحد قديما كان مرضا غير معروفا ومبهما.
كيف يتم تشخيص الطفل المصاب بالتوحد ؟
للتشخيص المبكر أهمية بالغة جداً، لأن التدخّل المبكر،خصوصاً قبل بلوغ الطفل سن الثلاث سنوات، يشكّل عنصراً هاماً جداً في تحقيق أفضل الاحتمالات ونظرا لأن مرض التوّحد يتراوح بين درجات عديدة جدا من خطورة المرض وحدة أعراضه، فقد يكون تشخيصه مهمة معقدة ومركبة وبالرغم من أن اعراض التوحد الأولية تظهر غالبا ما قبل سن الـ 18 شهراً، إلا أن التشخيص النهائي يكون، في بعض الأحيان،يكون لدى بلوغ الطفل سن الثلاث سنوات،عندما يظهر خلل في التطور، تأخير في اكتساب المهارات اللغوية، أو خلل في العلاقات الاجتماعية المتبادلة ،وهنا تقع على الأهل مسؤولية مراقبة نمو وحركة أطفالهن والتوجه إلى الطبيب الاختصاصي الذي يقوم بالتعاون مع طاقم من الاختصاصيين والمعالجين في إجراء فحوصات ترمي إلى تقييم قدرات الطفل الكلامية واللغوية وفحص بعض الجوانب الفكرية، السلوكية و النفسية.
هل للتوّحد علاج ؟
إن علاج التوّحد يعتمد  بشكل أساسي على العلاج الفكري و السلوكي و قد يترافق مع علاج دوائي. و لكن لا يوجد علاج محدد يمكن إعطاؤه للمصابين بالتوحد نظرا لأن كلّ حالة تختلف عن الاخرى وهذه العلاجات تتلخص في العمل على التأهيل الفكري وتعديل السلوك لدى الطفل بجيث يستطيع التمييز بين التصرف السليم من غيره وتشجيعه على أن يكون شخص مستقل  قادر على أن يقوم ببعض الأمور اليومية.
 ويوجّه الاختصاصي بإعادة التأهيل الفكري الدكتور سركيس أبي طنوس نصيحة للأهل بعدم المبالغة في تدليل الطفل المصاب بالتوّحد أو ممارسة الحماية الزائدة الأمرالذي ينعكس سلباً على النمو الفكري و الحركي وعلى الاستقلالية  لدى الطفل في أنشطة الحياة اليومية (Activities of daily living) مشدداً على ضرورة مراجعة الطبيب والمراكز المختصة بهدف تقديم العلاجات الفكرية، النفسية والسلوكية كالعلاج الإنشغالي،العلاج الحسي الحركي، تحليل السلوك التطبيقي (ABA) وعلاج النطق بالاضافة الى العلاج التربوي التعليمي الذي يهدف الى تأهيل الطفل المصاب بالتوحد واعادة دمجه في المجتمع.
ويشير الدكتور أبي طنُوس إلى أن التكنولوجيا ساهمت في تطوير تقنيات و برامج العلاج الفكري و السلوكي فقد بتنا نعتمد على التكنولوجيا التفاعلية بشكل أساسي في برامج التأهيل، خاصة أن هذه التكنولوجيا لاقت قبول كبير و ملحوظ  لدى الأطفال المصابين بالتوّحد. و قد أثبتت عدة أبحاث و دراسات علمية قمنا بها مدى فعالية استخدام التكنولوجيا التفاعلية في برامج التأهيل الفكري و السلوكي.

ولأن الطفل المصاب بالتوّحد يحتاج إلى الرعاية الصحية السليمة هنا لا بد من أن تكون العائلة على دراية بهذه الاضطرابات ومعرفة كيفية التعامل مع الطفل من أجل اعادة اندماجه في المجتمع بدل اقصائه ما يعزز من امكانية تحقيق نتائج ايجابية وهذا ما يتطلّب جهداً كبيراً بالاضافة إلى أن بعض مراكز التأهيل تحمّل الأهل كلفة باهظة وهو أمر قد لا يقدر عليه الكثيرون ما يزيد الأمور أكثر تعقيدا...يذكر أن منظمة الصحة العالمية قد خصصت ال2 من نيسان/ ابريل من كل عام يوماً عالمياً للتوّحد .

مواضيع ذات صلة

أعراض وعلاج التوحد
4/ 5
Oleh

إشترك بنشرة المواضيع

.اشترك وكن أول من يعرف بمستجدات المواضيع المطروحة

نشكر لكم مشاركتكم ... سوف يتم نشرها بعد التحقيق